الأحد، 15 يوليو 2012

الباكالوريا :هاجس و تحديات

بقلم: الشيخ الحسن ولد محمدو
إنه لمن الجلي مدى الأهمية التي تكتسيها شهادة البكالوريا لدى الطلبة اليوم وما تحتله من مكانة في نفسية الطالب و مخيلته، والتي طالما شكلت حجر عثرة و عقدة في طريق الكثير من الطلاب..

و قد يلفت انتباهنا اليوم النسب الضئيلة للنجاح في هذه الشهادة و يطرح أكثر من سؤال و استغراب حول السبب الكامن وراء هذا الإخفاق و الذي من المؤكد أنه لا يرجع با لضرورة لمستوى الطلبة و إن كان له دور محدود -حسب رأيي- في ذلك .

فما السر وراء تضائل نسب النجاح ؟أهو فعلا متعلق بمستوى الطلاب و التكوين أو المستوى المتواضع" لبعض" الأساتذة أم أن هناك أسباب أخرى ؟ و ما هي السبل الكفيلة بعودة التعليم إلى الاتجاه الصحيح؟ 

طالما شكل التعليم السبب الأول و الأساسي في رقي الدول، ازدهارها و المحرك الأساسي لدفع عجلة التنمية و من أجله خصصت ميزانيات هائلة و هيأت شتى السبل الكفيلة بتطويره و إنجاح العملية التربوية التي دون نجاحها لن ترقى الدولة أو تزدهر و خير مثل اليابان و ألمانيا اللتان ما كانتا لتنالا ما نالتا من إزدهار و تطور-ربما منقطعي النظير-لولا إيلاء أهمية قصوى بالتعليم و العمل على قدم و ساق في سبيل تطويره.
و بلادنا للأسف لم تلتحق بعد بركب الدول التي تجعل من الاهتمام بالتعليم هاجسها و همها الأول و لازال هذا القطاع الحيوي في ركود و دون تحديث رغم مرور أكثر من 52 عاما على الاستقلال و ما يزيد الأمور بلة هو هجرة الأدمغة و الكفاءات العلمية.


أما في ما يخص تضائل نسبب النجاح و وقوفها في السنوات الأخيرة عند نسبة ثابتة هي 10% تقريبا، فأرى من وجهة نظري المتواضعة انطلاقا من عديد المعطيات أن السبب في تدني نسبة النجاح هذه السنة و سابقاتها يتلخص في جملة أسباب أذكر منها :

أن الدولة تملك جامعة عصرية واحدة و لديها طاقة استيعابية محدودة و على أساسها تحدد الجهات الوصية نسبة النجاح سلفا والذي بناءا عليه يتم إعطاء أوامر للأساتذة بالتشدد النسبي في التصحيح و هذا بالمناسبة كلام سبق أن سرده لي أحد موظفي وزارة التعليم وعلل بالقول أن الدولة لديها مقاعد محدودة للناجحين في الداخل و منح أيضا محدودة إذ لو أن نسبة النجاح كانت مثلا 40% كيف سيتم إسقبال و تكوين هدا الكم الهائل ؟؟ و الدولة لديها جامعة واحدة أو بالأحرى وحيدة و منح محدودة !!!..أعرج قليلا بالتنويه أن نسبة النجاح في الباكالوريا في الجزائر - مثلا- هذه السنة 70% و السبب أن الجامعات أكثر من 48 جامعة و هذا يدعم القول السابق أن نسبة النجاح تحدد على أساس توفر الجامعات...

أما ما يذهب إليه البعض في القول أن السبب هو عدم جدية التلاميذ فأنا لا أتفق معه على الرغم من وجود تلاميذ غير مكترثين فعليا لكن السواد الأعظم مهتم و إن بسب متفاوتة و ما أثار استغرابي و ما يدعم كلامي هو نجاح تلامذة متوااااااااااااضعين في حين رسوب آخرين مؤهلين و بشهادة أساتذتهم وزملائهم و كفى بها من شهادة إضافة إلى حضورهم الفعال في الفصل و الذين راحوا كبش فداء لهذه السياسة غير المنصفة..هناك عامل آخر يتمثل في اختيار مصححين مغورين و صدق أو لا، أحيانا معلمين !! .. 

السبب الأخير أرى أنه يتمثل في عدم التوفيق,الرهبة و الضغط النفسي أثناء الامتحان رغم مؤهلات الطالب و معلوماته و درايته بحل الامتحان و أنا أعلم زملاء كانوا متألقين، مجتهدين و مؤهلين ليس فقط للنجاح بل التفوق لكن لم يتفوقوا أو راحوا ضحية لعدم التوفيق أو للتصحيح - وهنا الحظ - في حين تجاوز آخرون...

و إن هذا الوضع ليندى له الجبين،إذ أننا دولة غنية بالثروات و الموارد و ليس لدينا سوى جامعة وحيدة و نسب النجاح بهذا التواضع و بالمناسبة شاهدت تصريحا لأحد الإخوة قال فيه أن أحد مدراء الامتحانات السابقين حدثنه أنه كان في ملتقى في فرنسا وكان من جملة المشاكل التي طرحت أن إحدى المؤسسات تعاني من عدم تجاوز نسبة النجاح في الباكلوريا 75% لثلاث سنوات متتالية، قال فلم أستطع أن أنطق بكلمة، وحتى في الدول المجاورة وبالذات في مالي فإن نسبة النجاح في الباكلوريا تصل 50%. و إن الأمر ليدق ناقوس الخطر و يدعو لتضافر الجهود لمعالجة هذه المسألة و إيجاد مكامن الخلل و العمل من أجل الوصول إلى حل شامل و فعال,الحل الذي لابد أن يكون أول خطواته بناء جامعات و معاهد جديدة.

و في الأخير,هذه دعوة -و أنتم تعلمون مقدار النقد اللاذع الذي يتعرض له المخفقون في الباكالوريا و إلقاء كل المسؤولية عليهم وعدم إلتماس أي عذر لهم- أن لا نقسوا على من لم ينجحوا، فيكفيهم ما هم فيه .فرحمى بهم فليس المستوى العلمي فقط هو مفتاح النجاح فلنلتمس لهم الأعذار فقد يكونوا قد أدوا ما عليهم لكن هذه هي إرادة الله فماذا نملك أن نفعل ؟؟

و إلى حين بزوغ بصيص أمل بتغيير هذا الواقع إلى متى سيظل عمر الطالب يضيع وهو يركض خلف سراب يتحكم فيه مزاج المسؤولين والمصححين ؟؟ و متى ستلتحق دولتنا بمصافي الدول المتقدمة في ميدان التعليم ؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق